البودكاست عربيًّا... من الهامش إلى المركز | حوار مع عبد أبو شحادة

عبد أبو شحادة

 

*البودكاست قادر على تحدّي الإعلام التقليديّ.

* نعيش ثورة عربيّة في الإنتاج الصوتيّ.

* العمل بحرّيّة يخرجنا من المربّعات الرأسماليّة المغلقة.

* ليس موقع البودكاست المنافسة على التريند اليوميّ.

 

شَهِدَت المنطقة العربيّة في السنوات الأخيرة انفجارًا سرديًّا توزّع بين الكتابة والصورة وكذلك الصوت من خلال ما يعرف بـ ’البودكاست‘، أو المدوّنات الصوتيّة، الّتي يعود ظهورها إلى ثمانينيّات القرن الماضي إلى أن شهدت ثورة مع بداية الألفيّة الثانية ليصل عدد برامج البودكاست إلى أكثر من 115 ألف برنامج بودكاست بالإنجليزيّ فقط.

في عام 2021 انطلق برنامج بودكاست «الميدان» عن موقع «عرب 48»، الّذي يقدّمه الناشط الفلسطينيّ عبد أبو شحادة، وهو برنامج سياسيّ اجتماعيّ يسعى لخلق مساحة نقاش مجتمعيّة وكذلك لتقديم محتوى متنوّع يتعمّق في نقاش الأفكار المطروحة كما يصفه أبو شحادة.

في هذا الحوار الّذي تجريه فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة، نتحدّث مع أبو شحادة عن بودكاست «الميدان»، عن طبيعة المحتوى الّذي يقدّمه وآليّات صناعته والمعاييرة الّتي تحكم اختيار المواضيع المطروحة، وعن البودكاست عربيًّا وعالميًّا وموقعه من الوسائط الإعلاميّة التقليديّة.

 

فُسْحَة: في البداية أريد الحديث عن بودكاست «الميدان»، من أين أتت فكرة البرنامج، وكيف تقرأ البودكاست كوسيط إعلاميّ بالمقارنة مع بقيّة الوسائط الإعلاميّة؟

عبد أبو شحادة: ثمّة مسألتان من الضروريّ الانتباه إليهما؛ الأولى تتعلّق بضآلة حجم المحتوى العربيّ على الإنترنت وضعفه، ويمكن رؤية ذلك في «ويكيبيديا» مثلًا عند مقارنة المحتوى العربيّ مع العبريّ، خاصّة إن فكّرنا بعدد المتكلّمين بالعربيّة في العالم مقارنة بعدد المتكلّمين بالعبريّة، ومع ذلك، فإنّ المحتوى العبريّ أكبر حجمًا من نظيره العربيّ. كذلك في الـ «YouTube» وفي مواقع أخرى. أعتقد أنّ النقص في هذا المحتوى يخلق فجوات معرفيّة، وما يمكن للبودكاست فعله نظرًا لتكلفة إنتاجه المنخفضة، هو إمكانيّة سدّ هذه الفراغات ولو قليلًا، وهذه الميزة الأولى للبودكاست.

المسألة الثانية تتعلّق أكثر بطبيعة العصر الّذي نعيشه، وهو عصر البلوتوث الّذي يتلاءم مع إنتاج محتوى إعلاميّ صوتيّ كالبودكاست؛ فالجميع لديه السمّاعات الرقميّة الّتي يمكن وصلها بأيّ سيّارة حديثة والاستماع عبرها إلى المحتوى الرقميّ. الجميع يريد الأخبار الآن، لا أحد سينتظر حتّى الثامنة مساءً للاستماع لنشرة الأخبار، ولا أحد سينتظر حتّى ساعات المساء لمشاهدة فيلم ما، بل الجميع يريد مشاهدة كلّ شيء الآن، في هذه اللحظة، عبر الـ «YouTube» أو «Netflix» أو المنصّات الرقميّة المختلفة. نحن نعيش في عصر ثورة تكنولوجيّة لا بدّ من مواكبتها، وتقديم المحتوى الإعلاميّ الملائم لها. ثمّة مسألة إضافيّة وهي اعتقادي بأنّ الناس مستعدّة لتمنح من وقتها للاستماع لبرامج لمدّة 40 دقيقة أو ساعة أو ساعتان أو أكثر، على النقيض من النظريّات الإعلاميّة الّتي تقول إنّ الناس ليست مستعدّة لمشاهدة أو الاستماع لشيء يزيد عن دقائق معدودة. أعتقد أنّ الناس تريد الاستماع لمحتوى يتعمّق بالأفكار ومتعطّشة لمواضيع تنقصها التغطية، وهنا تكمن قوّة البودكاست الحقيقيّة.

 ثمّة مسألة أخرى، وهي أنّ الناس لن تجلس لتشاهد برنامجًا لـ «فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة» مثلًا عبر اليوتيوب، لا تملك وقتًا لذلك، ولكنّها مستعدّة لسماع البرنامج نفسه إن كان موجودًا على منصّة «Spotify» أثناء ممارستها للركض الصباحيّ أو ركوبها للسيّارة صباحًا أو في أيّ وقت آخر. الجميع متّصل بهاتفه طوال الوقت، وثمّة أوقات خلال النهار لا نكون قادرين على مشاهدة الشاشة ولكنّنا قادرين على الاستماع أثناء ترتيب البيت أو تنظيفه مثلًا. البودكاست عمليّ في هذا السياق، فمن ناحية تريد أن تصنع محتوى يأخذ بعين الاعتبار التطوّرات التكنولوجيّة، ومن ناحية أخرى تريد لهذا المحتوى أن يتعمّق بالأفكار ونقاشها.

 

فُسْحَة: لنتحدّث عن «ميدان» تحديدًا، وهو أقرب ما يكون لبودكاست سياسيّ اجتماعيّ. من أين جاءت الفكرة وكيف طُبّقَت حتّى اللحظة؟

عبد: الفكرة الأساسيّة من وراء بودكاست «ميدان» كان خلق مساحة لنقاش سياسيّ اجتماعيّ وحتّى علميّ، فبعض الحلقات تناولت مواضيع مثل العملات الرقميّة، وهنا أحاول الدمج ما بين العلميّ والاجتماعيّ. أدرك أنّ البرنامج يظهر أكثر كبرنامج سياسيّ لكنّني أحاول الخروج من هذه الحلقة ليمتدّ النقاش إلى شؤون اجتماعيّة وليكون مساحة نقاش مجتمعيّة تتناول الواقعيّ ويبتعد عن العناوين الجذّابة لصالح تقديم محتوىً عميق.  

 

فُسْحَة: هل تعتقد أنّ العادات الّتي تحدّثت عنها من قبل، مثل الاستماع والارتباط بالهاتف الذكيّ، تؤثّر على عادات أخرى كالقراءة أو المشاهدة الطويلة؟

عبد: لا أعرف إن كان البودكاست مضرًّا بعادات كالقراءة، لكن ولأكون واضحًا، أنا أرى نفسي جزءًا من تيّار وطنيّ في الأراضي المحتلّة عام 1948، ومن المهمّ تقديم محتوى جذّاب وأن نجدّد في الخطاب الاجتماعيّ السياسيّ والعلميّ. لا أرى الأمور إمّا كذا أو كذا، فهذه نظرة مبسّطة للواقع. نحن جيل مختلف عن الأجيال الماضية، وقد خلقت العولمة إنسانًا جديدًا يريد أن يقرأ قليلًا وأن يستمع قليلًا وأن يشاهد، ودورنا هنا كحركة وطنيّة أن تقدّم محتوى على اتّصال بواقعنا السياسيّ والاجتماعيّ، وأن يكون معبّرًا عن الحالة السياسيّة الّتي نعيشها.

 

فُسْحَة: لكن قد تظهر بعض المشاكل، أو لنقل، الإغراءات في ما يتعلّق بإنتاج المحتوى الرقميّن ما يؤثّر على المحتوى نفسه وجودته. لنقل مثلًا أنّك اشتغلت على حلقة بودكاست معيّنة وكان التفاعل معها كبيرًا، ويمكنك معرفة ذلك من خلال المعلومات الّتي توفّرها المنصّات الرقميّة لصنّاع المحتوى، وهذا ما قد يدفعك للاستمرار في إنتاج المحتوى الّذي يرغبه الجمهور أو يستثيره، ما سيؤثّر بدوره على ما تريد تقديمه أنت لا ما يريد لك الجمهور أن تقدّمه. كيف تتعامل مع هكذا حالة؟

عبد: هذا هو السؤال الّذي أطرحه على نفسي أسبوعيًّا عند اختيار المواضيع. لكنّ الاستراتيجيّة الّتي تحكم التعامل مع هكذا مسألة هي التفكير بالبودكاست كماراثون، وليس كسباق مسافات قصيرة لمرّة واحدة، وهنا ثمّة فخّ التريند الّذي تحدّثت عنه. من السهل تصفّح الـ «Facebook» والاطّلاع على التريند الأسبوعيّ وصناعة حلقة بودكاست عنه، والمشكلة في التريند أنّه يدخلك في منافسة مع بقيّة وسائل الإعلام ووسائطه، فثمّة من يكتب ومن يعدّ برامجًا تلفزيونيّة وبرامج راديو وغيرها، وستجد نفسك موضع تقييم بناءً على سلّم توقّعات من المستمعين لأنّهم في كلّ مرّة يريدون شيئًا مختلفًا، خاصّة إن كانت الحلقة تتناول موضوعًا يتحدّث عنه الجميع.

أعتقد أنّ البودكاست لا يصلح للمنافسة، فلديك الراديو ليتناول التريند أو المواضيع الّتي تشغل الناس، وأيضًا تريد من الحلقة الّتي تصنعها ومن النقاش والأفكار المطروحة أن تكون مهمّة بعد سنوات من إعدادها أيضًا، وليس أن تكون صالحة لعدّة أيّام فقط. مثلًا، أعددنا حلقة عن فيلم «أصحاب ولا أعز» (2021)، واستمرّ التفاعل معها لأسبوع كامل، ومن ثمّ لا شيء، في المقابل اشتغلنا على حلقة قبل مدّة عن الأطبّاء الفلسطينيّين العاملين في أجهزة الصحّة الإسرائيليّة، وهي برأيي حلقة ستظلّ مهمّة لوقت طويل جدًّا لأنّها تسلّط الضوء بشكل معمّق على العلاقة ما بين الأطبّاء الفلسطينيّين وبين وزارة الصحّة الإسرائيليّة وأوضاعهم الداخليّة، وهي حلقة لو استمعت إليها بعد عشرة أعوام من الآن ستظلّ مهمّة ومرتبطة بالواقع. أمّا «أصحاب ولا أعز» فلم تعد مهمّة، انتهى التريند وبدأ تريند «صالون هدى» وبعد قليل سيكون هناك تريند آخر وآخر.

لا يجب على البودكاست الانجرار وراء التريند، من الممكن وجود حلقة بين الحين والآخر تتناول الأحداث السياسيّة أو التريند، لا بأس بذلك، ولكن في بودكاست «الميدان» نريد صناعة محتوىً يظلّ ذو أهمّيّة حتّى بعد سنوات من إنتاجه. شخصيًّا أريد العودة بعد سنوات للاستماع لما سجّلناه والتعلّم منه. وفي البودكاست تحديدًا للمقدّم أهمّيّة كبيرة، فالمقدّم يجب أن يتفاعل بحرّيّة خلال محاورته للشخصيّات وأن لا يخجل من التدخّل أو الإدلاء برأيه، وأن يكون مطّلعًا أيضًا على عديد الحقول الرياضيّة والسياسيّة والفلسفيّة والاجتماعيّة وغيرها، وأن لا يكون محايدًا، أو على الأقلّ، ليس مطلوبًا منه أن يكون محايدًا.

 

فُسْحَة: من هو جمهور «الميدان»؟

عبد: الحقيقة أنّني لم أحدّد الجمهور من قبل.

 

فُسْحَة: لكن تظلّ ثمّة خصوصيّة للمواضيع المتعلّقة بالواقع الاجتماعيّ والسياسيّ الفلسطينيّ في أراضي الـ48، أليس كذلك؟

عبد: في بعض المواضيع أجل، ولكن ثمّة حلقات لاقت نجاحًا كبيرًا في الجزائر والمغرب والجزيرة العربيّة أكثر من أراضي الـ 48، ربّما يجب أن يكون هناك تحديد للجمهور، لا أعرف.  

 

فُسْحَة: هل تعتقد أنّ ثمّة ضرورة لتحديد الجمهور؟

عبد: كلّا، طريقة التفكير هذه لها علاقة بالرأسماليّة الّتي تعلّمنا التفكير داخل صناديق محدّدة ومعلّبة، كلّ شخص عليه الالتزام بعلبته. أعتقد أنّ قوّة بودكاست «الميدان» هي في حرّيّة اختياره للمواضيع وتنوّعها، فقد يقرّر شخص ما الاستماع لحلقة معيّنة تعجبه فينتقل إلى الحلقة التالية الّتي تناقش مثلًا قضيّة التحرّش الجنسيّ داخل المجتمع الفلسطينيّ في أراضي الـ 48 وتزعجه لأنّها تعكس له واقعًا قبيحًا تعيشه النساء العربيّات في ذلك المجتمع، ثمّ تظهر حلقة أخرى عن موضوع مختلف تمامًا.

أعتقد أنّنا مركّبون هويّاتيًّا بطريقة أو بأخرى، ليس ثمّة من يهتمّ بالرياضة فحسب، أو بالسياسة حصرًا. في إحدى المرّات أخبرني شابّ أنّه يحبّ «الميدان» لأنّه لا يعرف ماذا يتوقّع من كلّ حلقة.

 

فُسْحَة: ثمّة مسألة هامّة تتعلّق بإدارة المقدّم لوقت البرنامج وتدخّلاته في الحوار، فكيف ترى هذا الدور؟

عبد: الأمر الهامّ في فنّ الحوار أن تسمح أو تمكّن الناس من الخروج من منطقة راحتهم وأن تمكّنهم من رواية قصّتهم الشخصيّة. أن تترك الشخصيّة تتحدّث لأطول وقت ممكن، لربع ساعة مثلًا، أن لا توقفها عن الحديث وتفسح لها المجال لتعبّر عن نفسها بأفضل طريقة ممكنة، وهذا يتطلّب وقتًا. حتّى نتمكّن أنا وأنت من إيجاد النسق المريح للحديث سنحتاج على الأقلّ لعشر دقائق نتحدّث فيها عن لا شيء تقريبًا، ومن ثمّ عشر دقائق أخرى لترتيب الكيمياء الشخصيّة بيننا والوصول إلى أفضل مستوىً من التواصل. في بعض الأحيان نكون في منتصف الحلقة ولا نزال نحاول الوصول إلى ما نريد الوصول إليه، ومن ثمّ ينفجر الحديث. شخصيًّا أحبّ أن أدع الآخرين يتحدّثون وإن كان لديّ موقف سأختلف مع الضيوف وأناقشهم لخلق حوار متبادل. 

 

فُسْحَة: شَهِدَت المنطقة العربيّة ما يمكن وصفه بالانفجار السرديّ ومنه الصوتيّ، ويمكن اعتبار عديد برامج البودكاست وأخرى مكتوبة أشبه بالأرشيف الشفهيّ لتاريخ المنطقة في اللحظة الحاضرة، ولذلك يمكن اعتباره نوع من الأرشيف الصوتيّ، ما يلقي بمسؤوليّة أكبر على عاتق صنّاع المحتوى، كما تحدّثت أنت من قبل عن ضرورة أن تكون الحلقة ذات أهمّيّة بعد سنوات من إنتاجها. كيف تتعامل مع هذه الأفكار؟

عبد: أوافقك في ما يتعلّق بالأرشفة، وأرى أنّ البودكاست يمكن اعتباره أرشيفًا، ولكن أيضًا وسيطًا يبسّط ما هو كائن، لنفكّر بعزمي بشارة مثلًا، الّذي يميّزه قدرته على تبسيط أيّ فكرة معقّدة بغضّ النظر عن درجة تعقيدها. ما يقوله مثلًا المؤرّخ الفلسطينيّ جوني منصور شديد الأهمّيّة ليؤرشف في حلقة بودكاست، لكن أيضًا من المهمّ تبسيطه وجعله قابلًا للوصول باللغة العامّيّة مثلًا، وتقريبه للناس. أحيانًا أجد نفسي أسرد قصصًا شخصيّة مع حديثي مع الشخصيّات لتقريب محتوى الحلقة من الناس، فمثلًا مع جوني منصور أخبرته بما رواه لي جدّي عن مجزرة تلّ الريش، كنّا نتكلّم عن الأرشيف الفلسطينيّ وقد ترعرعت في بيت جدّي الّذي لطالما حدّثنا عن مجزرة تلّ الريش الّتي لم يحاسب عليها أحد. هنا يرتبط نشاطي السياسيّ بعملي في البودكاست، وأحاول انتزاع الأرشيف من سياقه الأكاديميّ واكتشاف إمكانيّة توظيفه سياسيًّا واجتماعيًّا.

 

فُسْحَة: كيف تقيّم البودكاست عربيًّا؟

عبد: أعتقد أنّنا نعيش ثورة عربيّة في الإنتاج الصوتيّ، ثمّة برامج رائعة مثل برنامج «فاصلة منقوطة» وبرامج أخرى عربيّة ممتازة، بعض المنصّات الرقميّة ونظرًا للموارد الهائلة الّتي تملكها بإمكانها تقديم محتوىً أقوى، ولكن بالعموم ثمّة برامج قويّة مثل البرامج اللبنانيّة الّتي تتطرّق لمواضيع حسّاسة جدًّا.

 

فُسْحَة: ما الّذي ستقدّمه هذه الثورة مستقبلًا أو تخلقه، وهنا لا أسأل عن الجدوى، ولكن أسأل عن المسارات الّتي يمكن للبودكاست أن يسلكها والإمكانات الّتي يمكنه الكشف عنها؟

عبد: إذا أردتُ عقد مقارنة بيننا وبين الغرب، فيجب أوًّلا الاطلاع على السياق السياسيّ الّذي تعمل فيه المؤسّسات الكبرى الّتي تنتج البودكاست، مثل «الجزيرة» و«العربي الجديد» وغيرها من الشبكات الفضائيّة، ولأنّ هذه الشبكات الكبرى مَنْ تُنتِجُ البودكاست فهذا يضعنا في موقع التساؤل عمّاذا نريد أن نتكلّم وما الّذي نريد قوله، ما المواضيع الّتي يجب على البودكاست تناولها. أعتقد أنّها مسألة وقت حتّى يمكن للبودكاست الحديث في مواضيع ليست جزءًا من النقاش العامّ ولا يتجرأ الإعلام المهيمن على الحديث فيها، ومسألة وقت حتّى يخلق البودكاست تحدّيًا للشبكات الإعلاميّة المهيمنة من ناحية حتّى قيمة المحتوى وطبيعته. في أمريكا مثلًا ثمّة برنامج «The Joe Rogan Experince»، وهو بالمناسبة السبب وراء دخولي عالم البودكاست، وحلقاته تمتدّ لساعتين ونصف أحيانًا، ومرّة استضاف المرشّح الرئاسيّ الأمريكيّ بيرني ساندرز ويقدّم صوتًا غير موجود في الإعلام الأمريكيّ، ومع مرور الوقت بنى لنفسه قاعدة جماهيريّة عالميّة ليست أمريكيّة فقط، وهذا ما أعتقد أنّه سيحصل في العالم العربيّ أيضًا.

 


 

أنس إبراهيم

 

 

 

كاتب وباحث ومترجم. حاصل على البكالوريوس في «العلوم السياسيّة»، والماجستير في «برنامج الدراسات الإسرائيليّة» من «جامعة بير زيت». ينشر مقالاته في عدّة منابر محلّيّة وعربيّة، في الأدب والسينما والسياسة.